
"إذا كان في حكومة ما 32 وزير وكان منهم 25 وزير لا يعمل و 30 وزير لا يفكر، فكم يبلغ عمر رئيس الحكومة؟ "
*هذا السؤال ليس اعتباطي.. وليس أيضا تعجيزي أو هزلي، وإنما هو سؤال تحفيزي.. القصد منه إشغال التفكير التحليلي، والنقدي الذي يدفعنا إلى تحدي رتابة الأسئلة، والدفع بنا إلى التفكير خارج الصندوق..
*هل تصدقون أن سؤالا شبيها بهذا قد تم طرحه في إحدى المدارس الإبتدائية في الصين وتحديدا للصف الخامس الإبتدائي لطلبة لا تتجاوز أعمارهم الحادية عشر ..!
بسؤال كان نصه "سفينة تحمل 26 خروفا و10 من الماعز.. فكم يبلغ عمر ربانها؟
-أثار السؤال لغطا عظيما هناك حتى ظن الكثير أن السؤال كان خطأ مطبعيا أو تقنيا لأنه من الأسئلة الغامضة التي لا تحتمل إجابة محددة ..
-ولكن إدارة المدرسة صرحت وبينت أن السؤال لم يكن خطأ، ولا اعتباطيا، وإنما مقصودا بقصد تحفيز الطلاب إلى التفكير النقدي ،والوعي التحليلي، الذي يدفعهم إلى طريقة تفكير جديدة ومبتكرة بخلاف الطريقة العادية الرتيبة..
كانت إجابات الطلاب مختلفة باختلاف مفاهيمهم للأشياء فطالب يجيب بأن "الربان لابد ان يبلغ من العمر 18 عاما على الأقل، لأنه يتوجب أن يكون بالغا من أجل قيادة السفينة "
وأجاب آخر " عمر الربان 36 عاما، والسبب ان 26+10 يساوي 36 ،وكان الربان يريد ان يعادل عدد الحيوانات بعدد سنين عمره "
ولكن احد التلاميذ لم يتمكن من الاجابة على السؤال بتاتا إذ قال "لا أعرف كم يبلغ عمر الربان. ليس بامكاني حل هذا السؤال ".
ولكن طالب أجاب إجابة غريبة نصها "إن الوزن الاجمالي ل 26 رأسا من الغنم و 10 من الماعز يبلغ 7700 كيلوغراما في المتوسط .
ومضى قائلا، وفي الصين، يجب عليك ان تكون حاصلا على إجازة لقيادة السفن لخمس سنوات على الأقل إذا كنت تريد ان تدير سفينة تبلغ حمولتها اكثر من 5000 كيلوغرام.
وبما ان العمر الأدنى للحصول على اجازة قيادة هو 23 عاما فلابد ان يكون عمر الربان الأدنى 28 عاما...
*شدني السؤال والإجابات والحالة المنطقية التي تسعى ادارة تلك المدرسة لإكتشافها في طلابها وأثار لدي سؤال مشابه يدفعنا إلى الخروج فعلا من جلباب النمطية السائدة في التفكير والنقد والتحليل ..
*التفكير النقدي والتحليلي علم قديم متجدد معتمد في الدول المتحضرة التي تدفع مجتمعاتها إلى الإبداع والتميز وتثير لديهم إجابات حالمة خارجة عن المألوف..
*قد يكتشف من خلالها نواحي وزوايا جديدة للحلول غير تلك الإعتيادية..
*بمثل هذا التفكير إستطاع الغرب ومن ينتهج بنهجهم السباحة بعيدا في فرضيات الإجابة التي بدورها حفزت العقول وحمتها من الجمود وعشق المألوف، حتى وصلت بها إلى مناطق بعيدة استطاعت بها حل الكثير من المعضلات التي كانت تقف عندها طويلا تحت عنوان "المستحيل" ..
*كم نحتاج فعلا لهكذا دافع وهكذا نظام وهكذا توجيه يدفعنا دفعا إلى تحريك الخلايا الخاملة في عقولنا والتي تحتل الجزء الأكبر والمهمل من مخيخاتنا..
*مشاكلنا ليست مستعصية وليست مستحيلة ولكن لأننا لم نتعامل يوما بالتفكير النقدي ولم نغوص في الوعي التحليلي الذي يجعلنا نستبق بجموح الإجابة جمود السؤال ..
*لم نعلم طوال تاريخنا سوا فرضيات محددة واجابات معينة نعيد تدويرها دائما لأسئلتنا المتكررة دون النظر لفارق الزمن والمكان المتغيرين..
-مما أدى إلى إتساع الهوة بين تفكيرنا وطرقنا البدائية العقيمة وبين واقعنا ومتطلباته..
*خوفنا أو كسلنا أو رداءة من يقوم علينا سبب رئيسي لتقوقعنا في نطاق ضيق لا يسمح لنا النظر بطريقة أوسع ولا التفكير بشكل أعم وأعمق،
لذلك ترانا نستنسخ الماضي ونعيد تشكيل التجارب السابقة الفاشلة رغم معرفتنا مسبقا بأنها فاشلة ولن تؤدي إلى تغيير ..
*وكأننا مجبرين للتعاطي وتأدية الواجب بالعقلية الرجعية التي لا تتناسب مع احتياجاتنا ولا متطلباتنا..
*اليأس عدو .. والمستحيل عدو..
وكفانا أن نمعن النظر في مجتمعات كانت غارقة إلى أذنيها في مشاكل لا حصر لها استطاعت أن تنتفض وتغير طريقة ومنهجية تفكيرها، لتكتشف أن هناك آلاف الحلول لمشاكلها المستعصية، ولتبدأ في حلحلتها واحدة تلو الأخرى..
*إن استسلامنا لفكرة المؤامرة الخارجية، تسويق رخيص لغبائنا، وعجزنا ،وخوفنا، من إكتشاف أنفسنا ،والسماح لعقولنا، أن تغوص بعيدا في عمق التفكير والبحث والتقصي الذي يثبت أننا مازلنا أحياء وأنه قد يكون لنا تجاربنا المستقلة التي تشبهنا فقط.
فكروا بالسؤال واسألوا أسئلة أخرى..!
قد يعتقد الآخرون أنها مجنونة، وغير منطقية، واسمحوا لأنفسكم، وذويكم ،أن يبحروا بأجوبة غير اعتيادية، فقد تكتشفون حينها: إجابات كانت خيالية، لمشاكلكم المستعصية ..!